تعتبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من المشروعات الهامة التي تحظى باهتمام الحكومات في الوقت المعاصر وتقدم لها التيسيرات وتذلل لها العقبات في…

تعتبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من المشروعات الهامة التي تحظى باهتمام الحكومات في الوقت المعاصر وتقدم لها التيسيرات وتذلل لها العقبات في إطار سعيها نحو تحقيق التنمية بمفهومها الشامل والمستدام.

ولقد ساهمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدور هام في تحقيق التنمية الاقتصادية ودفع النشاط الاقتصادي سواء في الدول المتقدمة أو الدول التي تشهد تنمية مستدامة كدول شرق آسيا والصين والهند وكذلك الدول النامية؛ إذ ساهمت المشروعات الصغيرة في توفير العديد من فرص العمل للعاطلين، إضافة لمساهمتها في توفير السلع والخدمات الأساسية التي يحتاجها أفراد المجتمع لاسيما محدودي الدخل، كما ارتفعت القيمة المضافة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في العديد من الاقتصاديات التي اهتمت بتلك المشروعات، وساهمت المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تنمية صادرات الدول المتقدمة من خلال توفير السلع الوسيطة التي تحتاجها المشروعات الكبيرة وكانت تلجأ لنسبة كبيرة منها(1).

إن المشروعات الصغيرة من الممكن أن تكون بارقة أمل لما تمثله من أهمية كبيرة لاقتصاد نام مثل الاقتصاد المصري، والدور الذي يمكن أن تلعبه في حل بعض المشكلات التي تواجه الاقتصاد، وخاصة مشكلتي البطالة ونقص الصادرات، حيث تسهم المشروعات الصغيرة بفاعلية في تحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي، فهي الأكثر عددًا واعتمادًا على الخامات والكفاءات المحلية، وأيضًا الأكثر استخدامًا للتقنية المتوفرة محليًّا، وبالنظر لهذا الدور وتلك الأهمية حظيت المشروعات الصغيرة والمتوسطة باهتمام ملموس في معظم الدول الصناعية وبعض الدول النامية، وعلى صعيد البلاد العربية فقد أدت المشروعات الصغيرة ( خاصة في القطاع الصناعي) دورًا لا يستهان به في تحقيق بعض مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها ما زالت تعاني من العديد من المشكلات والمعوقات(2).

وتتسم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمرونة وقدرتها على تحمل تكاليف الإنتاج، والرقابة، والإمكانيات، وهو ما أدى إلى قيام المشروعات الكبيرة بالاعتماد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة في إنتاج العديد من احتياجاتها السلعية، بالإضافة إلى لجوء المشروعات الكبيرة للتعاقد مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحصول على بعض الخدمات أو السلع الوسيطة، كما أنها تمثل نواة للمشروعات الكبرى(3).

ووفقًا لمقال صحيفة فاكت شيتس Fact Sheets on the European Union (EU) الخاصة بالاتحاد الأوروبي (EU) بعنوان “المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم” (2020)، فإنه في الاتحاد الأوروبي تشكل الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة 99٪ من جميع الشركات المسجلة. وفي عام 2015 أنتجت حوالي 23 مليون شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 3.9 تريليون يورو من القيمة المضافة ووظفت 90 مليون شخص، مما يشكل مصدرًا أساسيًا لروح المبادرة والابتكار، وهما أمران حاسمان للقدرة التنافسية لشركات الاتحاد الأوروبي على المستويين الإقليمي والعالمي. وفي عام 2018 وظفت الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة 66.4٪ من القوة العاملة في الاتحاد الأوروبي. وتهدف سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى ضمان أن تكون سياسات وإجراءات الاتحاد الأوروبي صديقة للأعمال الصغيرة وتساهم في جعل أوروبا مكانًا أكثر جاذبية لتأسيس الشركات والقيام بأعمال تجارية (4).

وأعطت منطقة المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الهند دفعة كبيرة للاقتصاد. فقد ساهم أكثر من 63 مليون من الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة منتشرة عبر البلاد بنسبة 30.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للهند في السنة المالية 2019 و 30٪ في السنة المالية 2020. كما أنشأت العديد من أعمال الباب المفتوح. وفي ضوء المراجعة التي أجرتها وزارة الإحصاء وتنفيذ البرنامج بين يوليو 2015 ويونيو 2016، فقد قامت منطقة المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بتوظيف 111 مليون متخصص. وقد ساعدت الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة في التصنيع في مناطق المقاطعات برأسمال ضئيل. وقدمت المنطقة التزامات ضخمة للتنمية المالية للبلاد ودعمت الشركات الكبيرة أيضًا. وتمثل الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ما يقرب من 40٪ من إجمالي الصادرات الهندية، و6.11٪ من الناتج المحلي الإجمالي من منطقة التجميع و24.63٪ من الناتج المحلي الإجمالي من منطقة الإدارات. وقد تم الاعتراف بالمؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة (MSMEs) باعتبارها الدافع الرئيسي للتحول النقدي للأحداث ولإحراز تقدم في التنمية العادلة(5).

ووفقًا لإحدى الدراسات، فإن المجتمعات التي تعمل فيها الشركات المحلية والدولية تتأثر بالأنشطة الاجتماعية-الثقافية التي تحركها العوامل الاجتماعية والثقافية مثل المعتقدات والتصورات والمواقف والسلوكيات والقيم التي تتأثر في الغالب بالتركيبة السكانية المتغيرة. ووجدت دراسة أخرى أن قرار المالكين بتأسيس شركة جديدة يتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية. ويتأثر إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة ونموها بالعوامل المجتمعية. ويمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في بيئة عمل متنوعة ثقافيًا للقوى العاملة أن تخاطر وتتخذ إجراءات استباقية في عملياتها(6).

وتواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في بداية أعمالها مجموعة من الصعوبات والتحديات التي تحد من قدراتها التنافسية وتهدد فرص استمرارها، ولذلك تحتاج المشروعات الناشئة إلى الدعم والمساندة وتوفير الخدمات الأساسية ومنها مساحة مادية بأسعار مخفضة، ومعدات أعمال أساسية مشتركة بتكلفة قليلة، واستشارات قانونية وتقنية، ودعم مالي ودعم إداري(7).

ولقد شهدت مصر خلال الآونة الأخيرة مجموعة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية  والأمنية التي أعقبت تطبيق بعض السياسات الاقتصادية الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الخصخصة والتعامل وفق آليات السوق) والتخلي عن نظام التشغيل التلقائي للعاملين، وتعتبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة أحد الحلول القادرة على استيعاب أكبر قدر من هذه الطاقات المعطلة وبخاصة من فئات الشباب(8). وعلى الرغم من أهمية المشروعات الصغيرة كواحدة من أهم الركائز الأساسية للتنمية الاقتصادية المصرية ودورها الحيوي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا أنها تواجه العديد من المشاكل والتحديات التي تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة نحو قاطرة النمو الاقتصادي بمصر خاصة داخل الريف والذي يشكل إجمالي عدد سكان نحو 58 مليون نسمة تمثل نحو 57.43 % من إجمالي سكان الجمهورية البالغ 101 مليون نسمة(9).


(1) يوسف سعد عيد الغريب, محمد عبد الوهاب ابو نحول, رياض اسماعيل مصطفى رياض، محمود محمد عنبر, دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية. مجلة البحوث والدراسات الإفريقية ودول حوض النيل, 2021; 2(1): 32-63. p 34. doi: 10.21608/mbddn.2021.201626

(2) أحمد إبراهيم محمد متولي دهشان, دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية في مصر. مجلة البحوث القانونية والاقتصادية (المنصورة), 2021; 11(2): 82-168. P 86. doi: 10.21608/mjle.2021.199756

(3) يوسف سعد عيد الغريب، مرجع سابق، ص 55.

(4) Morales Pedraza, Jorge. (2021). The Micro, Small, and Medium-Sized Enterprises and Its Role in the Economic Development of a Country. Business and Management Research. Vol. 10, No. 1; 2021. 33-44. P 36. 10.5430/bmr.v10n1p33.

(5) Jaggarwal, Shiv. (2022). ROLE OF THE INDIAN GOVERNMENT IN THE GROWTH OF MICRO, SMALL AND MEDIUM ENTERPRISES SECTOR. Shodhsamhita : Journal of Fundamental & Comparative Research Volume-VIII, Issue 2(III), 2021-2022, 101-105. P101.

(6) Gumel, Babandi & Bardai, Barjoyai. (2023). Critical Success Factors (CSFs) of SMEs in Nigeria and the Mediating Impact of SMEDAN Initiative Between the CSFs and SMEs’ Success. International Journal of Business and Economics Research. 12. 68-86. P73.10.11648/j.ijber.20231203.11.

(7) السيد صلاح الدين سيد محمد, حاضنات الأعمال التکنولوجية ودورها في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر. المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية, 2020; 11(العدد الاول الجزء الثانى): 1-37. ص1. doi: 10.21608/jces.2020.88462

(8) أشرف إبراهيم عطيه, واقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المصري تحديات العمل وآليات المواجهة. مجلة العلوم القانونية والاقتصادية, 2021; 63(1): 797-913. P801. doi: 10.21608/jelc.2021.177095

(9) إلهام نسيم حسن شمس الدين، تنمية المشروعات الصغيرة بقرى محافظة الدقهلية فى ظل مبادرة الدولة لتنمية الريف المصرى “مبادرة حياة کريمة”. Journal of Agricultural Economics and Social Sciences, 2022; 13(4): 95-100. P95. doi: 10.21608/jaess.2022.129394.1034